.قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} الآية. [110].
- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَهَجَّدَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ بِمَكَّةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَدْعُو إِلَهًا وَاحِدًا، فَهُوَ الْآنَ يَدْعُو إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ: اللَّهَ وَالرَّحْمَنَ، مَا نَعْرِفُ الرحمن إلا رحمان الْيَمَامَةِ- يَعْنُونَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.- وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْتُبُ فِي أول ما أوحي إِلَيْهِ: (بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ) حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَكَتَبَ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). فَقَالَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ: هَذَا الرَّحِيمُ نَعْرِفُهُ، فَمَا الرَّحْمَنُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.- وَقَالَ الضَّحَّاكُ: قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: إِنَّكَ لَتُقِلُّ ذِكْرَ الرَّحْمَنِ، وَقَدْ أَكْثَرَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ هَذَا الِاسْمَ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
.قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} الآية. [110].
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَالِدِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قالا: حدثنا هُثَيم، قال: أخبرنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}. قَالَ: نَزَلَتْ ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مختف بمكة: فكانوا إِذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل لنبيه صلى اللَّه عليه وسلم:
{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ}. أَيْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ،
{وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}. عَنْ أصحابك فلا يسمعوا،
{وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسَدَّدٍ، وَرَوَاهُ مسلم، عن عَمْرٍو النَّاقِدِ، كِلَاهُمَا عَنْ هُشَيْمٍ.- وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي التَّشَهُّدِ، كَانَ الْأَعْرَابِيُّ يَجْهَرُ فَيَقُولُ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.- وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: كَانَ أَعْرَابٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِذَا سلّم النبي صلى اللَّه عليه وسلم مِنْ صَلَاتِهِ قَالُوا: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَالًا وَوَلَدًا، وَيَجْهَرُونَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.- أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حدثنا أبو مروان عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا الْغَسَّانِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}، قالت: إنها أنزلت فِي الدُّعَاءِ.
.سُورَةُ الْكَهْفِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} الآية. [28].
- حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، إِمْلَاءً فِي (دَارِ السُّنَّةِ) يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فِي شُهُورِ سَنَةِ عَشْرٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدَوَيْهِ الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مِسْرَحٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ عَمِّهِ ابْنِ مَشْجَعَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْجُهَنِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الفارسي، قال:
«جاءت الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَذَوُوهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَوْ جَلَسْتَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ وَنَحَّيْتَ عَنَّا هَؤُلَاءِ وَأَرْوَاحَ جِبَابِهِ- يَعْنُونَ سَلْمَانَ، وَأَبَا ذَرٍّ، وَفُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ عَلَيْهِمْ جِبَابُ الصُّوفِ ولم يَكُنْ عَلَيْهِمْ غَيْرُهَا- جَلَسْنَا إِلَيْكَ وَحَادَثْنَاكَ وَأَخَذْنَا عَنْكَ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}. حَتَّى بَلَغَ: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا}. يَتَهَدَّدُهُمْ بِالنَّارِ، فقام النبي صلى اللَّه عليه وسلم، يَلْتَمِسُهُمْ حَتَّى إِذَا أَصَابَهُمْ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَمَرَنِي أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَ رِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، مَعَكُمُ الْمَحْيَا، وَمَعَكُمُ الْمَمَاتُ».
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا } ْآيَةَ. [28].
- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا}. قَالَ: نَزَلَتْ فِي أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ دعا النبي صلى اللَّه عليه وسلم إِلَى أَمْرٍ كَرِهَهُ: مِنْ طَرْدِ الْفُقَرَاءِ عَنْهُ، وَتَقْرِيبِ صَنَادِيدِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} يَعْنِي مَنْ خَتَمْنَا عَلَى قَلْبِهِ عَنِ التَّوْحِيدِ،
{وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} يَعْنِي الشِّرْكَ.
.قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ } ْآيَةَ. [83].
- قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ اليهود سألوا النبي صلى اللَّه عليه وسلم عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَاتِ.
.قوله تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي}. [109].
- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَتِ الْيَهُودُ لَمَّا قَالَ لهم النبي صلى اللَّه عليه وسلم: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا: كَيْفَ وَقَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ، وَمَنْ أُوتِيَ التَّوْرَاةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا؟فَنَزَلَتْ: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي الآية.
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} الآية. [110].
- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي جُنْدُبِ بْنِ زُهَيْرٍ الْعَامِرِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي أَعْمَلُ الْعَمَلَ لِلَّهِ، فَإِذَا اطُّلِعَ عَلَيْهِ سَرَّنِي، فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:
«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يقبل إلا الطيب وَلَا يَقْبَلُ مَا شُورِكَ فِيهِ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.- وَقَالَ طَاوُسٌ: قَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأُحِبُّ أَنْ يُرَى مَكَانِي! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.- وَقَالَ مُجَاهِدٌ: جَاءَ رَجُلٌ إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي أَتَصَدَّقُ، وَأَصِلُ الرَّحِمَ، وَلَا أَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَيُذْكَرُ ذَلِكَ مِنِّي وَأُحْمَدُ عَلَيْهِ، فَيَسُرُّنِي ذَلِكَ وَأُعْجَبُ بِهِ. فَسَكَتَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.
.سُورَةُ مَرْيَمَ:
.قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} الآية. [64].
- أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمُّوَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الشَّامِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الرُّسْعَنِيُّ قال: حدثنا جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:
«يَا جِبْرِيلُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا؟ قَالَ فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} الْآيَةَ كُلَّهَا». قَالَ: كَانَ هَذَا الْجَوَابَ لِمُحَمَّدٍ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ.- وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَبْطَأَ الْمَلَكُ عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: لَعَلِّي أَبْطَأْتُ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتَ، قَالَ: وَلِمَ لَا أَفْعَلُ، وَأَنْتُمْ لَا تَتَسَوَّكُونَ، ولا تَقُصُّون أظفاركم، وَلَا تُنَقُّونَ بَرَاجِمَكُمْ؟ قَالَ:
{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.- وَقَالَ عِكْرِمَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلٌ، وَالْكَلْبِيُّ: احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم، حِينَ سَأَلَهُ قَوْمُهُ عَنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَالرُّوحِ، فَلَمْ يَدْرِ مَا يُجِيبُهُمْ، وَرَجَا أَنْ يَأْتِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِجَوَابِ. مَا سَأَلُوهُ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَشَقَّ عَلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، مَشَقَّةً شَدِيدَةً، فَلَمَّا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لَهُ:
«أَبْطَأْتَ عَلَيَّ حَتَّى سَاءَ ظَنِّي وَاشْتَقْتُ إِلَيْكَ». فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي كُنْتُ إِلَيْكَ أَشْوَقَ وَلَكِنِّي عَبْدٌ مَأْمُورٌ: إِذَا بُعِثْتُ نَزَلْتُ، وَإِذَا حُبِسْتُ احْتَبَسْتُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ}.
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا}... الْآيَاتِ. [66].
- قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ. حِينَ أَخَذَ عِظَامًا بَالِيَةً يَفُتُّهَا بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: زَعَمَ لَكُمْ مُحَمَّدٌ أنا نبعث بعد ما نَمُوتُ.
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا}... الآيات. [77].
- أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعَالِبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، قَالَ: كَانَ لِي دَيْنٌ عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ: فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تكفر بمحمد. فقلت: لَا وَاللَّهِ، لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ: إِنِّي إِذَا مِتُّ ثُمَّ بُعِثْتُ، جِئْتَنِي وَسَيَكُونُ لِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ فَأُعْطِيكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا، وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ لِي: لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَقُلْتُ: لَا أَكْفُرُ حَتَّى تَمُوتَ وَتُبْعَثَ. فَقَالَ: وَإِنِّي لَمَبْعُوثٌ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالِي. قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِ: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ.وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْأَشَجِّ، عَنْ وَكِيعٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ.- وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: كَانَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ قَيْنًا، وَكَانَ يَعْمَلُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ الْعَاصُ يُؤَخِّرُ حَقَّهُ، فَأَتَاهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ الْعَاصُ: مَا عِنْدِي الْيَوْمَ مَا أَقْضِيكَ. فَقَالَ خَبَّابٌ: لَسْتُ بِمُفَارِقِكَ حَتَّى تَقْضِيَنِي، فَقَالَ الْعَاصُ: يَا خَبَّابُ، مَا لَكَ؟ مَا كُنْتَ هَكَذَا! وإن كنت لحسن الطَّلَبَ. قال خَبَّابٌ: ذَاكَ أَنِّي كُنْتُ عَلَى دِينِكَ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَأَنَا عَلَى الْإِسْلَامِ مُفَارِقٌ لدينك! قال: أو لستم تَزْعُمُونَ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَحَرِيرًا؟ قَالَ خَبَّابٌ: بَلَى، قَالَ: فَأَخِّرْنِي حَتَّى أَقْضِيَكَ فِي الجنة- استهزاء- فواللَّه لَئِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا إِنِّي لَأَفْضَلُ فِيهَا نَصِيبًا مِنْكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا} يَعْنِي الْعَاصَ، الْآيَاتِ.
.سُورَةُ طه:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ والرحيم